الخميس، 8 سبتمبر 2016

جريدة الجريدة السودانية المستقلة ... سِيرة مقاومة.



(1)
أعلنت صحيفة الجريدة السودانية اليومية المستقلة علي لسان  رئيس تحريرها في يوم الجمعة  13مايو2016 م عن تعليق الصدور في التالي السبت ثم إستمر التعليق ليوم الأحد إحتجاجاً علي مصادرة أربع أعداد من النسخ المطلبوعة في خلال الأسبوع الثاني من شهر مايو 2016م و حيث أستهدفت الرفابة الأعداد الصادرة في (الأثنين ، الثلاثاء ، الخميس و الجمعة ) كما كشف  في ذات التصريح رئيس مجلس الادارة ومالك الصحيفة المستقلة  السيد : عوض محمد عوض عن الخسائر المادية من جراء ذلك  والتي قدرها ب60000 جنيه سوداني أي ما يعادل بالتقريب 6.000 دولار أمريكي وفقا للسعر  الرسمي لبورصة أسعار العملة الأجنبية.
 الإنتهاكات  التي تعرضت لها الصحيفة  والمثمثلة في  المنع من توزيع نسخها المطبوعة تقع تحت طائلة العقوبة خارج نطلق القضاء فإلي جانب ما كشف عنه من خسائر مادية جراء المنع من التوزيع فان واقع بيئة العمل الصحفية في ظل عدم ميزات تفضيلية  كالاعفاءات من قبل الدولة لمدخلات الطباعة تكشف الوجه  للظروف التي يواجهها ملاك الصجف والناشرين و العاملين في مجال النشر بشكل عام ، ظلت تصاحب تلك الانتهاكات تعتيم عن الأسباب التي قادت الي ذلك رغم عدم قانونية الامر في مجملة ، و بالنظر إلي الهدف من ورائها يمكن القول بان الهدف هو  ترك الصحف وملاكها تتلاطمهم  الحيرة  التاويلات  ،المنع من التوزيع  تقف خلفها  فلسفة الدفع نحو الإنزلاق إلي الرقابة الذاتية  كدف يدفع إلي تنازل الصحف عن إستقلاليتها والدوران خلف ما يتسق ومصالح بعض الأفراد ، المؤسسات او السلطة السياسية بما يتعارض ومبدأ المهنية و الدور الرئيسي كسلطة رقابية ، ناقدة و موجه .
(2)
مجلس الصحافة والمطبوعات الذي  يعتبر الجهة المناط به تطوير و تحسين بيئة الصحافة  وترقيها لكي تتمكن من أداء دورها في مناخ وظروف وشروط أفضل  ظل يرتهن للصمت الذي يتعارض و واجباته ، هذا التنازل الصريح عن تفويضه يدفع به ليكون مشاركا في تلك الأنتهاكات عبر التواطئ ،فالاجدر في حين عجزه عن قيامه بدوره اعلان ذلك وتمليك الحقائق   لانه في الاساس هيئة تتعامل قضية حساسة مثل  حرية التعبير الذي  ينص فيه علي أن    الحق في الحصول علي المعلومات  هو حق يتطلب التعامل المهني الصارم ، اما خلاف ذلك يظل جسم يشهد في صمت مريب علي  الانتهاكات .
(3)

تعليق الصدور من قبل جريدة الجريدة امر لافت و فعل ايجابي اضف اليه الوضوح الذي تم في اعلان اساب ذلك مما جعل من الامر مسئولية جماعية تجعل من حق الجميع  معرفة اسباب  احتراما للقراء و اعمالا حريص لمبدا الحق في الحصول علي المعلومات ، لكن  تلك الخطوة يجدر ان تعضدد بالمضي في المقاضاة  للتاكيد علي الحقوق التي كفلها الدستور السوداني و ايضا لحماية حق القراء في معاودة صدور غير  مسور بالخطر فهو امر  في  مقام الواجب ، فالاجدر حماية الحقوق بالقانون في  ظل استمرار الانتهاكات لاسباب غير معلومة.
(4)
منع الصحف من توزيع نسخها المطبوعة انتهاك طال معظم الصحف سواء المستقلة ام المملوكة لافراد او موسسات علي صلة بالسلطة الحاكمة الامر الذي يشير الي ان الامر يقف خلفه  مصالح متعددة ومراكز قوي لكل مصالحه وفلسفته وهو الوجه الاخر  لتعدد قوائم المنع  من النشر التي اصبحت غير معروفة كما في السباق  فقد كانت تعبر عن مصالح السلطة السياسية لكن تبدل الحال يدفع بان ذاك الخطر يتهدد الجميع بالتالي فمن المصلحة  مقاومته  لان ما حدث للجريدة اليوم تكرار لما حدث لصحف اخري في التاريخ القريب والبعيد .
(5)
الهدف الرئيس من هذه الانتهاكات هو اكمال حلقات مراحل الرقابة الذاتية لكي يتم تنميط الصحف عبر وسائل التخويف والتردد والتماهي الاختياري عبر معادلة الصدور وفقا لهوي الرقيب او الاستقلالية والمهنية  ، فهو بتعبير اخر ان يصبح الاداء المهني ينظر الي افق (اكل العيش)، من زاوية اخري فان الامر له تاثيره في انه يوسس لمرحلة تدمير للصحافة المستقلة والمحترفة  وسيظهر تاثيرها في الواقع العام للحياه بكل مناحيها ، بالتالي ستظل المسئولية التاريخية لرؤساء التحرير والصحفيين والنشرين و ملاك الصحف ، مجلس الصحافة والمطبوعات و مفوضية حقوق الانسان مع التفاوت في تلك المسئولية فالكثير من الصحفيين لا زالوا يدفعون نحو مقاومة ذلك ويتحملون الكثير  من جراء ادائهم لدورهم المهني.
(6)
الحرمان من الاعلان و السيطرة علي ذلك  لجعلها احد شروط الخضوع للرقابة انتهاك اخر يثقل كاهل الصجف وملاكها و هو  يمثل  تدخل غير مشروع في خيارات المعلن الامر الذي الي احداث خسائر له و الحد من حق القاري العادي في الاضطلاع علي الاعلان وفقا لخياراته ، أما تقصي  تاثير ذلك في الفضاء العام فهو تقليل من حيوية انتشار الاعلان وتاثيره ، فالاعلان حيويته في الحرية  لانه  يعمق مسارات الابداع المرتبطة بنشره و، اما التقييد لذلك الاثر وله انعكاساته السلبية بالتقييد لانه يحد من اثره ولا سيما  مثل الاعلانات التوعوية ، الاخري المرتبطة بالحياة الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالنتبيه للممارسة الحقوق السياسة علي سبيل المثال لا الحصر.

(7)

مسيرة جريدة الجريدة المستقلة في ظل العقبات الكبيرة  تشير الي سيرها في الاتجاه الصحيح اي بعبارة اخري لا تزال  بعيدة عن احضان الرقابة الذاتية وهو امر يشير الي الالتزام بمراعاة شرف الكلمة وحق القاري في الحصول علي خدمة مهنية مقابل ما يدفع و التزام نحو تاريخ ناصع   للصحافة المستقلة ، التنازل او الحياد عن ذلك  يعني انهيار ما تم تشييده بجهد كل طاقمها علي مر تاريخ صدورها ، التاريخ دوما يشير الي ان المعارك التي تدار بضمير  مدرك لدوره وملتزم بالصاح الذي يكفله شرف المهنة والقوانيين والدستور والمواثيق الدولية انما يسطر تجارب مهمة و مفيدة يمكنها ان تكسر  ارادة السير وفقا لاهواء ومصالح لا تعبر عن رسالتها ، قد يطول الطريق لكن كل صفحة فيه ستكتب  سيرة التجربة التي ان تكالبت عليها المحن حتما ستكون نقطة انطلاق لمسيرة قادمة  تدفع نحوها بشعلة التجربة فتهديها الطريق الي ممارسة مهنية ومحترفة ومستقلة .

ليست هناك تعليقات:

عبدالكريم "أبوسروال" : وداعك علي خاطر الإنتظار (5-5)

أبوذكيه الذي بدا حياته بالنقل البحري لينتهي به الحال تاجرا بالكنغو تتردد سيرته كثيرا، سالته يا عبدالكريم قالوا كنت من السواقين بين الكنغ...