الأربعاء، 31 أغسطس 2016

محمود عبدالعزيز...شعلة حب حصنت الذاكرة من هتافات الموت (سمبلة)


اَثرت التريث عن نشر المقال  بالأمس  لأن الكتابة عنه   يجدر بها أن تظل إحتفاء مستمر  لكوننا أكثر حوجة  لتحصين  وجداناتنا   بما يجانبها     (وجع القلب ) الذي صار الإفلات عنه  يحتاج من الدبارة  فعل  الأحتراف  في واقع  تكاثرت  وتكاملت فيه  المحن
         منتصف التسعينات   كانت بداية عهدي بالدراسة الجامعة بجامعة النيلين   التي  تمت سودنتها  بإزاحة  لافته  جامعة القاهرة  فرع الخرطوم  فيما بقي  جوهر الحال  كما هو  ، فمدرجات كلية القانون كانت  تحمل أسماءها التي منحت  لها منذ الميلاد فذاك حسين فهمي ، عسكر ، عدوي و عبدالغني   ، المكتبة  لا تزال  أرففها تحتضن أمهات الكتب والمراجع  لفقهاء القانون  ،  حينها  بدأ شفق علاقتي بمحمود عبدالعزيز  ، كانت حفلاته  تتوزع بين نادي  ضباط القوات المسلحة و كلية التقانة الجامعية اّنذاك  ،  إلي محراب شدوه  كان   القصد إختياراً مسور ببهجة الإمتاح الذي يلامس  شغفه أوتاراً  من  الوله و حب  الحياة في  تناصها المشدود علي أوتار حباله الصوتيه ،  سكت الرباب  مثلت  ألق لإنيات والإدء   الذي ظل يدفع لرهان أكبر  عليه ، فقد  شكلت نقله في الأداء و التلحين لم يسبق لأي من مجايليه  من المطربين و الفنانيين أداءا في ذاك الزمن  ، لماتنا الحيمة التي تجمعنا كأصداء جمعت بهم درجات الدراسةة من مختلف أنحاء السودان ظلت تتخلها مقاطع من تلك الأغنية بأدائها الهارموني الذي كشف جمال سكون ايقاع البيز جيتار مع صوت محمود فتشكلت علامة يعني ترديدها بأن المزاج رايق ( حد   الإلفة)
علي ساحة كلية القانون  التي كانت تربط بيها و الأداب  منفذ  تحت عريشة  النشاط الطلابي التي  تدلي من علي سقفها   لافتتات تشير إلي الجمعيات القانونية  و الروابط الجغرافية لم يكن حينها قد إنشنر داء  الروابط الإثنية بعد فالزمان  كان  ينهض في  مسار المقاومة لتلك المحن  كان شدو محمود  ينبعث  من كافتريهات الجامعة  ليجسر  خطونا  الإقبال علي الحياه  بقلوب  عامرة  بالأمنيات التي  تتفق أو تتباين   وفقاً  لإلتقاء كلمات الأغنية و طلاوة أدائها مع ما  نستره  سراً في الفواد ،  دفعنا محمود  للحرص علي حضور حفلاته  لم نكن ندرك إنها كانت ترياق  باعدت بينا و المسالك الوعرة التي مشاها  زملاء الدراسة  مدفوعين  بتديين الحرب الإهلية  في جنوب الوطن  لكي  يسقط العديدين  منهم  و  الخرطوم  تجبر ذويهم  ، أصدقائهم و كل من  عرفهم علي كبت مظاهر الحزن  و الإجبار  علي المشاركة في مراسم (عرس الشهيد)  ، فعل محمود   لأنه لم يكن مجرد  فنان  بل كان  مشروع  بلغ ذروة توهجه  في توقيت كان  أهل الإسلام السياسي   يدسون  السم في الدسم و يقللون من  قيمة الحياة  فيهزئون  من أولئك الذين يعملون أناملهم علي الجيتارات بأنها (قلة شغلة)    فيدفعون شباب ( غض الإهاب)   لتستقبل أجسادهم  سم البارود  .
       سيرة محمود عبدالعزيز تجسد   بل هي (عرض حال) لما فعله  الإسلاميون السودانيين  بالمواطن والوطن ،  فقد ألهبت ظهره السياط  بلا رحمة ،  دفع به  في إختبارات التدجين  ليستغل حباله الصوتية   في الحملات السياسية للإنتخابات حيناً  و حينا يدفع به نحو قنوات الإنشاد و المديح  ، محمود صورة للإستغلال البشع للإنسان  السوداني  .
شكل محمود مقاومة  كبيرة لمشروع الإسلام السياسي  بأن،  حصن ذاكرة جيلنا من  أن يصاب ببلوثات هتافات  الموت (سمبلة)  ،  بل سلك منافذ الروح لتنتح مقلتيها نحو الجمال و الحب  ،  أعاد روح المتعة  حين  يأخذك الحظ أن تنصت لغناء في وسط ( شله)   فتختلط إنفعالات التطريب  لتنتج فعلا درامي اَخر  غائص حد الوحل في  إنفعالات إنسانية صادقة  تجعلك تتأمل كم جميل أن  تتشابك  تلك الإحاسيس لتخرج كلوحة ( أو تلوين) زاهي  و معطر  بالبهجة .
هزيمة مشروع محمود  عبدالعزيز   لمشروع الإسلام السياسي  يمكن رؤيته  في أجلي صوره  فقد ظل سرداق عزائه بمدينة  (جوبا)  بدولة جنوب السودان لمدة ثلاثة أيام  ،  حدث هذا بعد أن فصل الإسلاميين السودانيين   الوطن (شمالاً و جنوباً)  ، مضي محمود  و ما تركه  محمود  فينا  شعلة وعي   و ذاكرة  حب  و  ووجدان  مسور  بالجميل.
 


الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام بدارفور ..(سيد الجنقور)!

ليس خافيا علي أحد بأن مهمة بعثة قوات حفظ السلام بالبعثة المشتركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المتواجدة علي الأرض بإقليم دارفور هي حماية المدنيين حسب التفويض الممنوح لها  , و لأجل ذلك وفرت لها الإمكانيات لأداء تلك المهمة .
ظلت البعثة طوال فترة تواجدها بالإقليم  تترنح يمينا ويسارا قبل أن تستكين تماماَ في موقع  (المتفرج) كمرحلة , أولي قبل أن تهوي الي درك سحيق يمكن معه أنزالها الي مرتبة (التؤاط ) مقارنة بما يمنحها التفويض من مهام وصلاحيات .
لأ أود أن أرمي التهم جزافاَ دون سند , فحين تعرضت لها بالوصف في مراتب (الفرجة) تتبعا لحالة التخبط الذي ظلت تعانيه البعثة خلال سنين تواجدها بالأرض , فمن البديهي أن يكون لها خطة واضحة عن طريق أنفاذها يمكن أن تصل الي أداء المهمة المنوط بها ,ومن المهني أن تكون لها خطة بديلة في حال فشل الخطة الأولي ,لأن المهمة ليست باليسر الذي يدفع للاستهانة بها ,لكنها  ظلت في حالة توهان كان يجدر بها أخلاقيا  وإنسانيا في حال استعصاء الامر عليها أن تعلن ذلك صراحة ,فلاهي أحتجت بأن التفويض يشوبه قصور لا يمكن معه أداء المهمة ولا فعلت ما أنعكس أيجابا على الواقع , بل أكتفت بالفرجة من علي( المقصورة) الرئيسية  .
أنتقل الحالي الي تؤاط مريب , فالتفويض الممنوح لها لحماية المدنيين ,لكن ظل تعاملها مع الأمر وكأنها في بعثة  دورها هو التستر علي ما يحدث بالأرض  من انتهاكات  ,فكل ما فلحت فيه البعثة أنها تماما و تنازلت عن صلاحيات تفويضها دون أن يطرف لها جفن أو أصدق ما يقال في وصفها كأنها (وحدة حكومية) تتامر بأمر الدولة.
فحين صرح والي شمال دارفور في 3 مارس 2014 بانه ليس بمقدوره كبح جماح حالات انعدام الأمن بالمدينة وأن الامر بيد السلطة المركزية ,كان لزاما علي البعثة ,و استنادا علي ذلك التصريح ان تنهض بدورها الذي ذكرها بها والي الولاية ,لكن (سيد الجنقور  ما عندو رأي ).
تدليلا علي ما سبق والشواهد كثيرة ظلت البعثة بعد أن تنازلت عن مهمتها الاساسية تصل الي موقع الحدث بعد وقوعه ,فثمة سؤال اليس من واجبها وفقا لفرق الخبراء وجيوش العاملين أن تكون لها خرط مفتاحية تشير الي احتمالات الازمة في مناطق محددة وحيز زمني ؟
حسنا فالبعثة لا تملك ما يمكنها علي التحليل و التنبؤ لتتحرك قبل فوات الأوان ,اليس من الواجب أن تتحرك الي موقع الحدث بعد وقوعه مباشرة ؟ ببساطة هذا لا يحدث لأن البعثة المشتركة تنتظر أذنا من السلطات !!! وهنا مربط الفرس ,فالسلطات ببساطة هي حكومة السودان ,أذن هو لعب علي الدقون ,أن تنتظر الأذن من أحد أطراف الصراع للتدخل !
فهل للتواطؤ معني أخر ؟
 بالطبع السلطات ظلت علي الدوام لا تمنح ذلك الأذن, في حالات قليلة يتم منحها بعد إنقضاء فترة يكون فيها المدنيين قد نزحوا تماما, تعفنت الجثث, و أصبحت القري رمادا يوازي في بؤسها حسرة المغتصبات.
أن أستمر الحال كهذا فمن الراجح أن البعثة تسعي بكامل أرادتها لتصبح شريكا أصيلا فيما يجري ,فلا سبب يحول دون قيامها بدورها و لا عذر يشفع عند الفشل في القيام بذلك سوي الوضوح و إعلانها ,لكي يزال الستر الذي ظلت البعثة تستر بها عورة الانتهاكات دون وازع.
كسرة :
علي البعثة أن تمعن النظر في الدور الطوعي الذي قام به مواطنو منطقة (بليل) بجنوب دارفور في يوم 26 فبراير 2014  بعد الاعتداء علي 27 قرية حرقا , وإجبار 50000  من المدنيين علي النزوح ,تداعي أهل المنطقة(بليل) التي قصدها الفارين للوصول الي مدينة (نيالا)  حين علموا بالأمر ليخرجوا الي (الخلاء) يجرون عربات ( الكارو ) كانت مهمتهم محددة وواضحة  وهي أنقاذ الاطفال الهائمون علي وجوههم  فرار من الموت .
فانتهت المهمة التي تستحق كل أنحاء وتقدير بإنقاذ 55 طفلا بينما عاجلت المنية عطشا وإرهاقا خمسة أخرين ….
(درس لم يستعن فيه سوي بسقف الإنسانية والأخلاق وعربات الكارو).

تجزئة الحلول و ضعف الوساطة ( أمبيكي نموذجا )


ليس ثمة ما يقدح في أن يشارك المجتمع الإقليمي أو الدولي في التدخل لفض  النازعات سلميا و عسكريا في مقام (حفظ السلام) طالما أن علاقات الدول أفضت بعد  مخاض طويل الإصطفاف في منظومات (إقليمية و دولية ) , رتبت إلتزامات و خلقت واجبات فأفرزت تبعاُ لتلك (الإلتزامات) عن  مبادى  صارت معها وضعية  الدول التي (تعجز) عن  فض نزاعاتها ليس لها من سبيل  سوى الإذعان  لما يصدر من قرارات إحتراما لتعهداتها كدولة من ناحية  ’و إلزاما من أجل حفظ السلام والامن الدوليين من جانب اًخر.
تقف الحكومة  السودانية شاهداَ على ذلك بتدخل المجتمع الدولي والإقليمي في إقليم دارفور الملتهب منذ العام (2003) و منطقة  (أبيي ) المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان.
إضافة الى الخبير المستقل لحقوق الانسان الذى خول له التفويض الممنوح له من مجلس حقوق الانسان تحت البند العاشر بأن يقدم مساعدات تقنية لجمهورية السودان مما يتيح له زيارة السودان و زيارة المناطق التي يزعم بوجود انتهاكات لأوضاع حقوق الانسان .
بالنظر الى الفقرة أعلاه و أمعان (النظر )  إلي خارطة السودان يمكنا القول بأن غالبية  الأراضي السودانية باتت مسرحا مفتوحا للتدخل باستثناء شرق السودان الذى تزداد فيه وتيرة إنتهاكات الإتجار بالبشر بصورة مزعجة  وفقا للتقارير التي صدرت من بعض المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان مثل منظمتي (العفو الدولية – و هيومان رايتس وتش ) . ومن جانب اَخر ترتفع فيه وتيرة التذمر من جراء  تعثر تنفيذ اتفاقية الشرق 2006 بين الحكومة السودانية و جبهة الشرق (تنظيمي الأسود الحرة و مؤتمر البجا).
إنطلاقا من مبدأ التدخل المشروع لتلك المنظومات صدر القرار رقم 2046   الصادر من مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالنزاع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان , و التي سار فيها مجلس الأمن في ظل سياسة التجزئة و التفاضل بعيدا ً عن الحل الشامل للأزمة السودانية , وهو خطأ تراكمي يضاف الى ما سبقه من أخطاء  أضافت مزيدا من الحطب على النار قبل أن تذهب أدراج الرياح.
فاتفاقية الدوحة التي ظل المجتمع الدولي ينظر اليها كمثال أخير لحل أزمة إقليم دارفور (وقعت بين الحكومة السودانية و حركة التحرير والعدالة ) في 2011 لم تثمر سوى صفر كبير .  فعقلية  المجتمع الدولي التي ظلت تنظر الى كأزمات السودان  منفصله أنما تسعى لإنفاذ تجربة غير مجدية وهو العلاج (بالقطاعي ) .
فالسودان وطن رغم اتساع مساحته بديهيا هنالك ما يربطه بأواصر وثيقة ؛اثنيا, ثقافياً, سياسياَ وقبل ذلك (أسباب الصراع) , و لعل أحد الروابط  (الأولية) التي إذا نظر إليها المجتمع الدولي من زاوية إنسانية فقط لأدرك أن هنالك (وجدان مشترك) بين كل  المكونات السودانية .
لذا فلايمكن تجزئة الحلول لأن الوجدان غير قابل(القسمة ) أو (المفاضلة). لكن لأن المدخلالأساس يبنى على مصالح إقليمية ودولية و ينطلق من زاوية نظر سياسية محضة أصبح السودان معمل تجارب لنظريات لا تتواءم مع أس (الحاصل) في الواقع .
أعود لموضوع المقال هو تعاطى المجتمع الدولي والإقليمي مع أزمة منطقتي النيل الازرق وجبال النوبة ’ فبجانب ما أشرت إليه من خطل المدخل في قرار مجلس الامن الدولي’ بأن عزل تلك الازمة لتحل بعيدا عن الحل الشامل لمجمل الأزمة السودانية دون الإلتفات الي أنها نتاج مباشر وأبن شرعي لاتفاقيه السلام الشامل (2005 )بثنائيتهاهي من أنتجت ذلك ’ فالراجح بالسير في خطى ذلك القرار (2046 ) هو ميلاد  أزمة أخرى قد تكون (جنوب جبال النوبة و جنوب النيل الازرق ) .
النقطة الثانية:هي ضعف دور الوسيط الأفريقي الذى في الأساس يجب أن تكون قدراته ’وأعنى بها هنا تعاطيه مع الأزمة بما يتسق و (حجمها ) و (تعقيداتها) في أن يكون محايدا و ذو حكمة و قدرة للدفع بطرفي التفاوض  الى الأمام و لو بالحد الادنى , وذلك باتخاذ مواقف واضحة , مهنية وشفافة لكن ظلت مواقفه تشير الى إنه أقل (قدرة ) و أضعف (مهنية)  وندلل على ذلك بالاتي:
أولاً : الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان وقعتا تحت وساطته المباشرة في28 فبراير 2013اتفاقية عرفت باتفاقية (نافع – عقار)  تم تمزيقها بواسطة حكومة  الخرطوم في لمح البصر’  بديهيا و يدرك الوسيط إن تمزيق تلك الاتفاقية يعنى عدم رغبة الحكومة السودانية في الحل. وبالتالي عدم احترامها للوسيط , الا أنه لم يحرك الوسيط ساكناَ فالمهنية و الشفافية كانتا تلزمانه بتوضيح   لموقف الوساطة مما حدث , لحد أدنى من التقدير لضحايا الانتهاكات في المناطق التي يشملها التفاوض, كما تحتم المهنية علي  الوسيط أعلانا واضح لخطة الوساطة في حل الأزمة و السقف الزمني لذلك  لأنه يعى تماما تشعبات الازمة و ارتباطها بالمساعدات الانسانية .و الموت أما قصفا بالطائرات أو جوعا داخل الكهوف , و تلك الخطوات من الناحية المهنية تفتح الطريق لإجراءات أو مواقف أخري تجاه تعنت اطراف التفاوض.
كما أن الجدول الزمني يشير الى اهتمام الوساطة بالزام طرفي التفاوض الي الالتفات الجاد الى معاناة الضحايا .
ثانياً: الموقف الثاني هو صمت الوسيط إزاءالمحاكمات الجنائية الغيابية لرئيس أحد  طرفي  التفاوض السيد مالك عقار  و الناطق الرسمي وكبير المفاوضين السيد  ياسر عرمان من قبل الطرف الًخر (الحكومة السودانية)
 من واجبات الوسيط الأولية تهيئة طرفي التفاوض شرط أولى بديهي  لكن أن يتجاهل هذه النقطة ويقفز الى ما بعدها فقد تعنى عدم إلمامه بتعقيدات الأزمة وهى مشكلة تقدح فى قدرته مقارنة بالأزمة أو مدرك لها  لكنه يتجاهل ذلك فهي  ايضاً مصيبة .
و حتى لا نوصف بتوزيع الاتهامات المجانية فالوسيط بالضرورة على أتصال بطرفي التفاوض خارج القاعة و بالتالي يفترض جزما أنه على علم بكل تفاصيل الأزمة .
فلا يستقيم عقلاً أن يصل أي طرفي أزمة لحلول و لو جزئية و أحد طرفيها يتعامل مع الطرف الاخر (طرف فى التفاوض ) و حينا ( مجرماَ) فأن لم تكن هنالك أرضية صلبة يقف عليها الطرفين فلا مجال للوصول الي حل و هنا يظهر بجلاء دور الوسيط فى خلق ذلك .
ختماً أن  ظل السيد (أمبيكى وفريقه) يواصلونفي ذات النهج فأنه حرث في البحر فالأجدر أما أن يصبح شفافاَ و مهنيا في تعاطيه مع المسالة أو سيجد نفسه مورطا باعتذار واضح للضحايا الذين أرتضى أن يصبح (وسيطا) في حل أزمتهم و هو (يدري بأنها أكبر من حدود قدراته أو لم يتعامل معها تستحق من شفافية و مهنية  ).

السبت، 27 أغسطس 2016

و يمضي عثمان بعيداً عن النيل

نشر هذا المقال بتاريخ 23 أبريل 2014
عثمان … قلب تناصفه  حب  الوطن و الجمال فظل حضوره يشعل ذاكرة الأمكنة بالقلق المنتمي الي طريقته في محبة  الناس ….  يمد  يده فترتفع حباله الصوتية بالتحية  ليسكنك عمداً  بطمأنينة الحضور … لتبدأ الونسة المنتمية الي  ساقية الحنين والجمال  ليمضي  مبتهجاً في استرسال يشعل  الأمنيات بالألفة …..لا يكل من المواددة   كأنه يلوح من منابع النيل في ( عنتبي ) لتحملها  الأمواج في رفق  لتقف عند (نمولي) لينهض  علي شاطئها قديساً يبثها الشوق  فالوجدان ليس قابل للانشطار ثم يسري حميماً ليعانق  ( قوشابي) يلوح لها بالسلام رسولاً  عن الأبيض والأزرق.
خطوه والسكون نقيضان كأنه يعمد الي استعجال النيل الفيضان, لتهدي الخرائط من وهج الجمال أيقونة المقاومة…. لم تربكه  الأرصفة الباردة فظل يمد لسانه هازئا ليس فيك ما يوازي أناقة (فكتوريا) و تسريحة (تانا) فيا أيتها المنافي  نحن شعب عظيم داهمنا (المغول ) بليل , و سيظل   يعرف قدرنا  ذلك الرابض  في ذاكرة التاريخ  فهو من  عمدنا فرساناً لا تلين لهم قنا .
في ليالي الشتاء الباردة يبحث عن الأصدقاء يدفع بشوقه اليهم ويقاسمهم اللعنة، صوته  المنساب يحرض علي اللقاء كما يريد و يشتهي ،  ليرتفع إصراره عنيداً – لبقاً  – قلقاً , عجولاً  لا تهدأ (رئته)  مستعينا بذائقته في التحريض الدؤوب لاحفاً عصب الحديث حد قدرته بما تختزن حيويته من وشائح  مشتركة , قبل أن يسكب  عليها من عطر (السودنة) في جزالة.
بصير ينفذ الي لب الأشياء في إطارها الكبير في روية تحدد موضع القلب و دائرة الحركة في ذكاء متقد , لا يتورع  فعل ما يحدثه به قلبه , ليعود تسبقه ابتسامته لتفادي ضحكات الأصدقاء من (طبزاته)  , فيبحث عما يدفع الحال بعيد عن الأمر متعمداً حمل الحضور علي  التناسي و أن غلب الحال يردد ما يبث صدقه (دي ما بتتصلح) ،  ليعتلي  جواد  حركته الدؤوبة مجدداَ لا تحدها رهبة ولا يقف أمامها حائط (فالقلق ) سلطان تسرب الي فصيلة دمه  و تربع .
 صديق الأمنيات العراض, تربال وشحته حياه الأفندية  بالمدنية , لكنه  لم ينس رائحة الدعاش لتظل تسحبه من خاطره  في رفق منحازا  أصيلاً الي ثقافتها ,جذوره و شخوصها فيدفع  في شرايينهم سحر المودة لتقطع المسافة طوعاً من(جروف النيل)  الي ( لندن الملكة) سماراً , ليعودوا  في  قطار الثانية عشر ليلاً فيجب أن  تصحو (دغش)  لتلقيح النخل .
التفوق عنده تحدي خاص لا يهدأ له بال قبل يهزمه في شرف  خصومة انحازت الي معايير الكرامة  و حرمة التعذيب، فالمغامرة طريق مسور بالتجارب الإنسانية كالتي دفعت كولمبس لاكتشاف قارة.
ليالي الصيف طقس استوائي تثير شجونه ليرتفع الوله الي أغنيات الحقيبة ، لكنه يظل منصتا لأي بارقة تعيد تحديثها فلا يضن بالتشجيع فمساحات الأبداع عنده لا يحكمها سلطان سوي التميز الذي لا تشوبه الهفوات فحسن الذائقة تفرع من (شجرة) الجمال .
عندالفراق يردد الي (لقاء قريب ياصديق) فهو من صلصال لايعرف السكون ولايقوي علي العيش الا حيث تكون سيرة الوطن و الجمال (سلطان ) فهي إحداثيات راحة البال في قاموسه.
 كان يوم سبت باردٍ لايختلف عن طقس الوحشة في شيئ ينظر في استغراق الي بحيرة (جنيفا) ، مد  كفه اليمني مسح بها علي رأسه كأنه يسرج جواد الحلم قبل أن يهمس في صوت  جزل: ”  هسي الزول لو لقي نفسو في  قوشابي  راقد ليهو في عنقريب هباب” , ليسترسل أكثرعن أن الجزيرة ورثة لجده  لكن النيل كل سنة (يترم) منها شوية ثم يقهقه ضاحكاً …
محمد بدوي 

عبدالكريم "أبوسروال" : وداعك علي خاطر الإنتظار (5-5)

أبوذكيه الذي بدا حياته بالنقل البحري لينتهي به الحال تاجرا بالكنغو تتردد سيرته كثيرا، سالته يا عبدالكريم قالوا كنت من السواقين بين الكنغ...