السبت، 5 مايو 2018

الأزمة الإقتصادية أو أقتصاد سياسة " التمكين "

نشر بتاريخ : 4 فبراير 2018

(1)
خلال الثلاث اشهر الماضية شهد الجنية السوداني تراجع مريع وسريع مقابل العملات الاجنبية ، علي وجه الدقة منذ اكتوبر 2017 بعد الاعلان عن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة علي السودان منذ العام 1997 م ، حيث قفز الدولار في السوق الموازية من 15 جنيه الي ما فاق ال 40 الأربعون جنيها مقابل للدولار الأمريكي الواحد إذا تعاملنا معه " كنموذج للعملات الاجنبية " ، قبل الخوض في التفاصيل " ظلت التوقعات تشير تندراً في الاسبوع التاني من يناير الي أن سعرالدولار الامريكي الواحد قد يبلغ ال40 جنيها " و قد حدث وهم أمر قد حدث بل تجاوز سقف "التندر " إلي حقائق الواقع الماثلة .
(2)
قبل الخوض في الأسباب يجب أن نشير إلي أن الأمر حسب تقديري لا علاقة له برفع العقوبات من قريب أو بعيد ، فالواقع يشير إلي جملة من الاسباب أهمها أن الحزم التقشفية و السياسات الإقتصادية التي لجأت لها الخرطوم بعد إنفصال الجنوب ، فعملت علي تطبيق جزئي بدأ في "2012 ، 2013 ، (2015 تم التراجع عنها ) ( 2016 تم التراجع عنه عقب الإعتصامات ) و تمثلت هذه السياسات في رفع الدعم عن البترول ، محاولات زيادة الدولار الدوائي ، زيادة التعريفة الجمركية و اخيرا رفع الدعم عن القمح و رفع سعر دزلار الصادر ، كل هذه الاجراءات جاءت من اجل الايفاء بشروط الانضمام لصندوق النقد الدولي الذي يشترط دفع كامل للدعم علي السلع ، 3)
تجارب بعض دول الجوار مع سياسيات التقشف تحرير الاقتصاد سندتها بنية أساسية هي التعامل العلمي المدروس ، توفير بدائل اقتصادية ، و جود سياسة اقتصادية واضحة للتعامل مع الفترة الانتقالية للتحول الناتج من تطبيق تلك السياسات ، إذا نظرنا إلي الجارة اثيوبيا ، فقد إتسم بالشفافية و المحاسبة ، فسياسة الخصخصة التي أعلنت عنها تم تطبيقها تدريجيا بين عامي 2013-2014 بخصخصة 21 مرفق أومؤسسة حكومية ، بالمقابل كان تركيزها ينصب علي تشييد سد النهضة كبديل اقتصادي مستقر ، -الثقة في النظام الاقتصادي و الشفافية وجدوي المشروعات وفرت للدولة موارد اضافية عبر الاكتتاب الذي عرضت اسهمه للجمهور الامر وفر موراد للدولة بعيدا عن القروض و شكل المعادل ليساسة الخصخصة التي شملت المرافق ال21 ،
في التجربة المصرية نجد ان الثقة أيضا في النظام الاقتصادي ما دفع الجمهور للإكتتاب في 2014 عند الاعلان عن مشروع قناة السويس الجديدة وتوفير موارد لانجاز ذلك المشروع ، أضف الي ان المشروع الي جانب مشاريع التنقيب عن الغاز التي بدأت في ذات العام شكلتا سنداً لعدم انهيار الاقتصاد عند الاعلان عن تحرير سعر الدولار فرغم ارتفاعه في السوق الموازية الإ انه عاد و ليشير الي ثبات المؤشر الإقتصادي
(4)

ادراة اقتصاد الدولة علي نسق ادارة أموال الحزب جاءت كنتيجة مباشرة لما عرف بسياسة التمكين التي تم بموجبها إقصاء غير المنتمين إلي الحزب الحاكم بالإضافة إلي إحلال قطاع خاص مرتبط بالسلطة ، الأمر الذي أجبر رؤؤس الأموال الوطنية التوجه للاستثمار علي سبيل المثال لا الحصر في ( دبي ، الصين ، جنوب السودان ، كينيا ، يوغندا ، رواندا ، غيني كوناكري وغيرها ) ، فقدان الجمهور للثقة في الجهاز المصرفي نتيجة لغياب السياسات الواضحة و المحاباة المبنية علي الولاء السياسي و و ما يشاع عن قلة ضوابط السرية قادت الي ترسيم وسائل اخري للتعامل بعيدا عن الدولة ، فقدان الثقة قاد الي البحث عن ودائع امنه للمال النقدي فعمل فتوجه الجمهور لتحويل الاموال النقدية الي (عقارات ) الامر الذي يكشف ارتفاع اسعار الارض والعقارات في الخرطوم بما يفوق مثيلاتها أفريقيا و عالمياً
(5)
التحول السياسي في 2015 الي معسكر التحالف العربي و ما تلاه من مشاركة السودان في القتال في حرب اليمن ، رفع العقوبات و الوساطة السعودية و الاسرائيلية ، أزمة مكاتب رئيس الجمهورية او ماعرفت بقضية (الفريق طه) ، ظهور وزير الخارجية السوداني ابراهيم عندور في جلسة مغلقة بالبرلمان نوفمبر 2017 (يحاجج ) من أجل يادة الميزانية المخصصة لوزارة الخارجية ، بالإضافة إلي سياسة الادارة الامريكية الجديدة التي اقترنت بمخاطبة المصالح الامريكية بشكل مباشر ،جميعها كشفت عن واقع إقتصادي عالمي متحرك و متحول البقاء فيه للبدائل الإقتصادية و إستثمار الموارد بشكل علمي وجدي ، أما الرهان علي التحالفات السياسية لتغيير موازين القوي السياسية مقبول لكن أن ينعكس ذلك علي إقتصاد دولة فهو أمر في تقديري حالم و لا علاقة له بالإقتصاد ، فقطع السودان لعلاقاته مع ايران في 2015 لم يؤثر عليها بشي علي ذات النسق يثور سؤال ماذا ستكسب أو ما هو المقابل الذي ستحصل عليه الدول الحليفة من أنقاذ الإقتصاد السوداني ؟ فلم يعد للسودان ما يقدمه فقد غادر القطار اللحظة التاريخية

(6)
السياسية الاقتصادية السودانية تجعلك بكل اطمئنان تشير اليها ب( بسياسة الافقار الممنهجة ) ، فالصرف الامني يبلغ 76% من الموازنة العامة لعام 2018 ، الفساد يشكل افة للمتبقي من الميزانية ، لا بنود لترميم دعك من دعم البنية التحتية ، الموارد البشرية ، بالتالي فإن القروض أو الودائع في أحسن الفروض قد تحصل عليها الخرطوم ستذهب الي ذات البنود مما تشير إلي تأجيل الأزمة في ظل تدمير ممنهج أستمر لعقدين لموارد مثل (الزراعة ، الثروة الحيوانية ) و في ظل تبديد بشكل غير مسبوق لموارد مثل (البترول ، الأراض ، الموارد البحرية ، بينما يشير مورد الذهب الي أنه يسرع الخطي في ذات المضمار ) ، سيظل الحل الشامل للأزمة السودانية هو السبيل الوحيد لحل الازمة الاقتصادية وغيرها من الأزمات ، أما الركون الي القروض و الودائع و ان استجاب حلفاء الخرطوم فهو تاجيل للازمة ليس الإ

ليست هناك تعليقات:

عبدالكريم "أبوسروال" : وداعك علي خاطر الإنتظار (5-5)

أبوذكيه الذي بدا حياته بالنقل البحري لينتهي به الحال تاجرا بالكنغو تتردد سيرته كثيرا، سالته يا عبدالكريم قالوا كنت من السواقين بين الكنغ...